أصحاب الكهف لم يلبثوا فِي كَهْفِهِمْ 309 سنين كما أفهموكم

 



سقطة أخرى لتفاسيرهم العرجاء يكشفها الاستاذ قصي فاخر الباحث في المنهج الترتيلي للقرآن. حيث أنه من خلال قاعدة "التمييز العددي" في اللغة تمكن من تشفير الاية الشهيرة "وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا"، و تقديمه باسلوب مبسط يفهمه الجميع: إليكم ما قام به البحث:
"درس في التمييز
بعد أن شرح المعلم التمييز العددي، طلب من تلاميذه، النظر في الجملة التالية: وتعلّمَ في المدرسة ثلاثُ مائةِ تلميذٍ، وسألهم: أين التمييز، في الجملة؟
فأجاب زيد: تلميذ، لأنه يميز العدد ثلاث مائة، ويزيل عنه الإبهام.
فقال المعلم: أحسنت، الآن، اجعل (تلميذ)، تمييزاً منصوباً، وليس مجروراً، للعدد ثلاث مائة، على غرار، اشتريتُ قنطارَ قمحٍ، اشتريتُ قنطاراً قمحاً، زرعتُ ثلاثَ مائةِ فدانٍ، زرعتُ ثلاثَ مائةٍ فداناً.
فقال زيد: وتعلّم في المدرسة ثلاثُ مائةٍ تلميذاً
فقال المعلم: أحسنت، أين الفاعل في الجملة
فقال زيد: ثلاثُ
فقال المعلم: أحسنت، الآن، إذا بدأنا الجملة، بالجمع الغائب، بدل المفرد الغائب، فكيف تقول؟
فقال زيد: وتعلّموا في المدرسة ثلاثَ مائةٍ تلميذاً.
فقال المعلم: أحسنت، أين الفاعل الآن، وكيف تعرب ثلاثَ مائةٍ، وتلميذاً؟
فقال زيد: الفاعل: ضمير الغائب، هم؛ ثلاثَ مائةٍ: تمييز لعددهم، وتلميذاً: تمييز ثان.
فقال المعلم: تمييزان؟
فقال زيد: نعم، كقولك، زرعت ثلاثَ مائةٍ فدّاناً شعيراً، فدان تمييز للعدد ثلاث مائة، وشعيرا تمييز للأفدنة
فقال المعلم: أحسنت، الآن، إذا كان السامع، يعرف أننا نتحدث عن التلاميذ، فكيف تقول؟
فقال زيد: وتعلَّموا في المدرسة ثلاثَ مائةٍ.
فقال المعلم: أحسنت، وكيف تعرب ثلاث مائةٍ؟
فقال زيد: تمييز عددي للتلاميذ
فقال المعلم: أحسنت، الآن احذف التعريف باَل من المدرسة، وعوضه بتعريف آخر.
فقال زيد: وتعلَّموا في مدرستِهم ثلاثَ مائةٍ.
فقال المعلم: أحسنت، عرّفتَ المدرسة بالإضافة، الآن، أضف إلى الجملة، مدة بقاء التلاميذ في المدرسة، لنقُل، أنهم بقوا في المدرسة أقل من عشر سنوات، أي بضعة سنين.
فاحتار زيد قليلا، أين يضع سنين، فجرب في نفسه الصيغة التالية:
وتعلَّموا سنينَ في مدرستهم ثلاثَ مائةٍ؛ لكن تبين له، أن التركيب ركيك، لأن الجملة: وتعلَّموا سنين في مدرستهم، اكتملت، وأصبحت ثلاث مائةٍ، غير متعلقة، لا بالفعل ولا بالفاعل، فلو ارتبطت بالفعل، أي بمدة التعلم، لكان يجب أن يقال: وتعلَّموا ثلاثَ مائةِ سنةٍ في مدرستهم، وهو يغير معنى الجملة تماماً، بل ويجعلها مستحيلة، إذ كيف يتعلمون كل هذه المدة، أضف إلى ذلك، أنه يجب تغيير: سنين، إلى سنة، وهو ما لن يعجب المعلم، لأنه طلب إضافة سنين، إلى الجملة، وليس سنة، فجرب الصيغة التالية: وتعلّموا في مدرستهم سنينَ ثلاثَ مائةٍ، فتبين له أن الوضع لم يختلف، وبقي التعبير ركيكاً، والجملة: وتعلّموا في مدرستهم سنينَ، مكتملة أيضاً.
وزيد يعلم أن ثلاث مائة، مرتبطة بالفاعل، أي بعدد التلاميذ، فكيف يجب صياغتها؟!
لاحظ المعلم إطراق زيد، وعرف ما يفكر به، فقال: اجعل الجملة، جوابا للسؤال: كم كان عدد التلاميذ الذين تعلّّموا في المدرسة وكم بقوا فيها، جاعلاً عددهم، أهم من المدة التي قضوها.
ففهم زيد، أن المعلم يقصد تقديم العدد، وتأخير المدة، فانطلقت أساريره، وقال: وتعلَّموا في مدرستهم ثلاثَ مائةٍ سنينَ.
فقال المعلم: أحسنت، كيف تعرب سنين؟
قال زيد: تمييزا للمدة التي كانوا فيها في المدرسة.
فقال المعلم: أحسنت، تصور الآن، أن عدد التلاميذ، بعد هذه السنين، ازداد بتسعة تلاميذ، فكيف تقول؟
فقال زيد: وتعلّموا في مدرستهم ثلاثَ مائةٍ سنينَ وازدادوا تسعةَ تلاميذٍ.
فقال المعلم: أحسنت، قلنا أن السامع، يعرف اننا نتحدث عن التلاميذ، فهل لك أن تحذف تلاميذ، مع إبقاء المعنى قائماً؟
ففكر زيد قليلا، ثم نطق: وتعلّموا في مدرستهم ثلاثَ مائةٍ سنينَ وازدادوا تسعاً.
فقال المعلم: أحسنت، ولكن، لِم نوَّنْتَ تسعاً، ولِم حذفت تاء التأنيث، ولم تقل تسعةً؟
فقال زيد: نوّنتُ لامتناع الإضافة، لأن المضاف إليه(تلاميذ) حُذف، كقولك جاء أربعةُ رجالٍ، جاء أربعةٌ، ازدادوا تسعةَ فتيةٍ، ازدادوا تسعةً.
فقال المعلم: أحسنت، ولم ذكّرتَ تسعة، وجعلتها تسعاً، علماً أن العدد مع تلاميذ، يؤنث، تقول: تسعة تلاميذ؟
فأجاب زيد: ذكّرتُ، لأن التمييز المحذوف (تلاميذ)، جمع مذكر(تلميذ)، كقولك، صمتُ ستةَ أيامٍ، أو صمتُ سِتّاً، وهي جمع مذكر(يوم).
فسأل المعلم: أحسنت، هل عندك شواهد على ذلك؟
فقال زيد: نعم، جاء في الحديث: "من صام رمضان وأتبعه ستّاً من شوال كان كصيام الدهر"، والصيام لا يكون إلا في اليوم.
فقال المعلم: أحسنت، وهل عندك شواهد، من محكم التنزيل؟
فقال زيد: نعم، قوله تعالى في سورة طه: (يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً) [١٠٣]. فنَوَّن، وذكّر، عشرة، حين حذف التمييز، وهو الأيام، مع أنه كان يجب أن يقول: إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشَرَةً.
فقال المعلم: وكيف عرفت أن التمييز المحذوف في الشاهد، هو الأيام؟
فقال زيد: من قوله تعالى في الاية التي تليها: (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً) [طه : ١٠٥].
فقال المعلم: أحسنت، أحسنت، وهل تعرف صيغة من محكم التنزيل، مماثلةً للصيغة التي حصلنا عليها؟
فأجاب زيد: نعم، قوله تعالى في سورة الكهف: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا.
لبثوا: عائدة على الفتية
ثلاث مائة: تمييز لعدد الفتية
سنين:تمييز المدة التي لبثوا، وهي من ثلاثة إلى عشرة، ولذلك قال سنين
تسعاً: أصلها وازدادوا تسعةَ فتيةٍ، والفتية جمع مذكر(فتى)، فجاز تذكير تسعة، أما تنوينها: تسعاً، فلامتناع الإضافة".
الاستاذ قصي فاخر الباحث في المنهج الترتيلي للقرآن